إن
الوقت يضيق عن ذكر الكثير من الأمثلة مع الأسف؛ لكن خذ
هذا المثال السريع: (كان النبي صلى الله عليه
وسلم عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام، فضربت التي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها يد الخادم،
فسقطت الصحفة فانفلقت، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فلق الصفحة، ثم جعل
يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول: (غارت أمكم)، ثم حبس الخادم حتى أتي
بصحفة من عند التي هو في بيتها، فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت" رواه البخاري، ولم
يعتبرها إهانة أمام أصحابه، ولم يُنزل أم المؤمنين عن مكانتها. وهكذا يكون الأمر حين
تعيش معنا أخلاق رسول الله في بيوتنا.
ولا
يفوتني أن أذكر تألهه وتنسكه، ولنتابع أعجب ما رأته السيدة عائشة رضي الله عنها.
قالت: (فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الفراش فالتمسته فوقعت يدي على
بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان
-عند النسائي وأبي داود والترمذي: وهو
ساجد- وهو يقول: "اللهم
أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك") رواه مسلم.
إنني
أرجو أن تفعلها يومًا؛ أن تسجد مثل تلك السجدة، وأن تقول هذا الكلام بحضور قلب،
وأن تعيش هذه الحلاوة في العبادة، ونحن بحاجة أن نفهم ونبحث: "أعوذ برضاك من
سخطك" بحثًا سلوكيًا يستنبط أبعاد قولها من طرفه صلى الله عليه وسلم، وهو
خليل الله، وهو الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ورغم ذلك مازال يستعيذ من
سخط الله يا من ظننتم الوصول بمجرد إطلاق اللحى.
ولننتقل
إلى معاملاته، وكيف كان يمر بعد المعركة، فيجد امرأة مشركة كافرة بين القتلى،
فيتأثر ويقول: "ما كان ينبغي لهذه أن تقاتل"
وكثيرا قلت: "إن السيوف لها أخلاق"، فلا يضطرنكم - يا شباب- غلو الكافرين
واستفزازهم أن تتخلوا عن أخلاقكم، بل نحن قوم تحكمنا أخلاق ويحكمنا دين. انظر إليه
صلى الله عليه وسلم وهو يرسل جيشه، فينأى على أن يقتل الرهبان أو الشيوخ أو النساء
أو الأطفال، وإن كان هؤلاء هم من يدفع الأعداء ويقوي شوكتهم.
هذه
أخلاق الإسلام التي نحن بحاجة إلى بثها ونشرها ليعرفها العالم الذي لا يعرف من المسلمين
إلا أنهم هدموا البرجين.. لا يعرفون عن المسلمين إلا أنهم أصحاب التفجيرات
والاغتيالات والعمليات الانتحارية.. لا يعرفون إلا هذا.
لذلك
كثيرًا ما قلت إن الناس يسمعون عنا ولا يسمعون منا؛ فيا أيها العالم تعالوا لتعرفوا
أخلاق الإسلام.. تعالوا لتسمعوا عن رحمة الإسلام بغيره، ولأهل مصر هنا خبرة ولهم
شهادة، والذين يعرفونها يجب أن يدلوا بها؛ فحين دخل عمرو بن العاص ليفتح مصر،
سانده الأقباط المصريون للتخلص من حكم الرومان بعد أن أحبوا أخلاق الإسلام والمسلمين.
أيها الإخوة ،،،
إننا
بحاجة أن يظل الغضب يتأجج، ولا يهدأ حتى يكون له نتيجة تتمثل في حركتك لنصرة هذا
الدين بأن تعمل أنت أولًا به، وتدعو إليه، وتوصل دعوتك إلى غيرك. هذا هو الباب
المفتوح المتاح الذي يأثم كل مسلم إن لم يلجْهُ اليوم نصرة لرسول الله صلى الله
عليه وسلم. لقد حق عليك أن تنصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونصرَتُه ابتداءً أن تطبق سنته وتعلي شريعته وتعتز بالانتماء
إليه، وأن تدعو الآخرين إلى ذلك، وهذا أقل حقه، و أيسر الواجب نحوه.
إننا بحاجة
إلى استغلال هذه الحادثة لتعريف العالم بحقيقة المسلمين، وإن لم تفعل شيئا الآن فإنك
لن تُحترم أنت ولا دينك ولا نبيك بعد ذلك، فلا تمررها هكذا حتى يضطر هؤلاء إلى
احترام رسول الله واحترام دين الإسلام.
إخوتي في الله ،،،
جاء
دوركم لنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بما ذكرت تحديدًا، فلا تفتئت ولا تزد:
طبق السنة بحذافيرها، وانشرها، وعلّمها في بيتك وفي كل مكان على ظهر الأرض لتكون بذلك
قد قمت ببعض ما يجب من نصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. أقول قولي هذا، وأستغفر
الله لي ولكم.