المشاكس
عدد الرسائل : 15 العمر : 37 تاريخ التسجيل : 11/01/2009
| |
المشاكس
عدد الرسائل : 15 العمر : 37 تاريخ التسجيل : 11/01/2009
| موضوع: رد: شرح حديث إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوماً نطفة الخميس 29 يناير 2009 - 15:36 | |
| أن نفخ الروح هنا عُلِّق أو جعل مقترنا به الكتابة، فقال -عليه الصلاة والسلام-: ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات فجعل الأمر بأربع كلمات تابعا مع نفخ الروح، ونعلم بالأحاديث الأُخَر أن الكتابة -كتابة هذه الكلمات- كانت قبل ذلك، وأحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- لا تتعارض بل تتفق؛ لأن الحق لا يعارض الحق وكلها يصدق بعضها بعضاً؛ فلهذا قالوا: هذا بناء على الأغلب.
وقد تنفخ الروح وتوجد الحركة قبل ذلك؛ لأنه هنا قرن نفخ الروح بالكتابة، والكتابة دلت أحاديث على سبقها، فمعنى ذلك: أنه يمكن أن يكون نفخ الروح في أثناء المائة وعشرين يوماً. هل تكون الكتابة بعد نفخ الروح ؟.
هذا الحديث ليس فيه دلالة وإنما فيه ترتب الكتابة على الروح بالواو فقال: ثم يرسل إليه الملك … ويؤمر بأربع كلمات والواو لا تقتضي ترتيباً، وإنما تقتضي اشتراكاً، فمعنى ذلك أنه قد تتقدم الكتابة، وقد يتقدم نفخ الروح والأظهر تقدم الكتابة على نفخ الروح كما دلت عليه أحاديث كثيرة.
فإذًا نخلص من هذا … فيه خلاف طويل لأهل العلم، لكن ذكرت لكم لبه، وخلاصته أن الغالب أن يكون نفخ الروح كما جاء في هذا الحديث بعد مائة وعشرين يوماً، وقد يتحرك الجنين وينفخ قبل ذلك، وهذا مشاهد؛ فإنه كثير ما تحصل الحركة والإحساس بالجنين من قِبَل الأم وتنقله في رحمها قبل تمام الأربعة أشهر.
والنبي -صلى الله عليه وسلم- وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى وكلماته وأحاديثه يصدِّق بعضها بعضا.
قال هنا: ويؤمر بأربع كلمات قال: فينفخ فيه الروح قبل ذلك فينفخ فيه الروح: الروح مخلوق من مخلوقات الله -جل وعلا- لا نعلم كيفية هذا النفخ، ولا كيف تتلبس الروح بالبدن، والروح أضيفت إلى الله -جل وعلا- تشريفاً لها وتعظيماً.
والروح أُضِيفَتْ إلى الله -جل وعلا- تشريفا لها وتعظيما لشأنها.
قال -جل وعلا-: ( فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ) الإضافة هنا إضافة خلق، وإضافة تشريف، ليست هي صفة لله -جل وعلا-.
والروح هي سر الحياة -كما هو معلوم-، وتعلُّق الروح ببدن الجنين في رحم الأم تعلق ضعيف؛ لأن الروح لم تكتسب شيئا، ولم تقوَ، فتبدأ الروح بالقوة في تعلقها بالبدن كلما تقدم بالجنين الزمن في رحم الأم، حتى إذا خرج صار التعلق تعلقا آخر.
يقول العلماء: إن تعلق الروح بالبدن أربعة أنواع: -
تعلق في رحم الأم : هذا النوع الأول، وهو تعلق ضعيف، الحياة فيه للبدن، والروح تعلقها بالبدن ضعيف.
والثاني: في الحياة الدنيا، والحياة فيها للبدن، والروح تبع، وتعلقها بالبدن تعلُّقٌ مناسب لبقاء البدن في الدنيا.
النوع الثالث من التعلق: بعد الموت، والحياة فيه للروح، والبدن تبع.
والنوع الرابع: تعلق الروح بالبدن بعد قيام الناس لرب العالمين يوم القيامة، وهذا التعلق أكمل التعلقات، فتكون الحياة للبدن وللروح جميعا هي أعظم أنواع التعلق.
قال: ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أم سعيد .
هذه الكتابة تُسمَّى القدر العمري أو التقدير العمري، والتقديرات أنواع: منها القدر اليومي، ومنها القدر السنوي، أرفع منه، ومنها القدر والتقدير العمري، ومنها التقدير أو القدر السابق الذي في اللوح المحفوظ.
والقدر السابق الذي في اللوح المحفوظ، هذا الذي يعم الخلائق جميعا، كما جاء ذلك في قول الله -جل وعلا-: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ .
( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) .
قال -عليه الصلاة والسلام-: قَدَّرَ الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء .
قدَّر مقادير الخلائق يعني: كتبها، أما العلم فإنه أول ليس مقصورا بقبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة.
فتحصَّل من هذا أن هذا التقدير اسمه التقدير العمري، وهو بعض القدر السابق، يعني: أنك إذا تصورت التقدير العمري للناس جميعا، فإن هذا يوافق التقدير الذي في اللوح المحفوظ، كل أحد بحسبه.
فالتقدير الذي في اللوح المحفوظ عام وخاص أيضا، وأما هذا التقدير فهو تقدير عمري يخص كل إنسان.
وهذا القدر ليس معناه أنه إجبار؛ يعني: يؤمر الملك بكتب أربع كلمات، يؤمر بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد.
هذه الأربع كلمات ليست إجبارا، يعني: لا يكون العبد بها مجبرا؛ وإنما هي إخبار للملك بأنْ يكتب ما كتبه الله -جل وعلا- ليظهر موافقة علم الله -جل وعلا- في العباد، ليظهر علم الله فيهم -جل وعلا-، وهذا التقدير لا يمكن لأحد أن يخالفه.
من كُتِبَ عليه أنه شقي فإنه سيكون شقيا؛ لأن علم الله -جل وعلا- نافذ، بمعنى أن الله -جل وعلا- يعلم ما سيكون عليه العباد، وسيكون عليه ما خلق إلى قيام الساعة، وما بعد ذلك أيضا.
فهذا التقدير العمري كتابة، فتكون بيد الملك، وهو يختلف عن التقدير الذي في اللوح المحفوظ بشيء، وهو أنه يقبل التغيير، وأما الذي في اللوح المحفوظ فإنه لا يقبل التغيير، بمعنى: أن ما كتبه الله -جل وعلا- في أم الكتب لا يقبل المَحْو ولا التغيير، وغيره من أنواع التقديرات -يعني: السنوية أو العمرية- فإنها تقبل التغيير.
قال -جل وعلا-: يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ .
قال ابن عباس: ( يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ) يعني:
فيما في صحف الملائكة. ( وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) عنده اللوح المحفوظ، لا يتغير ولا يتبدل.
ولهذا كان عمر -رضي الله عنه- يقول في دعائه:
"اللهم إن كنت كتبتني شقيا فاكتبني سعيدا".
وهذا يعني به الكتابة في صحف الملائكة، لا الذي في اللوح المحفوظ؛ فإن الذي في اللوح المحفوظ لا يتغير ولا يتبدل، وهذا له حكمة بالغة، وهو أن ينشط العبد فيما فيه صلاحه، وأن يعظم الرغب إلى الله -جل وعلا-، وأن الله -سبحانه- يعلم ما العباد عاملون، ومما يعلم دعاؤهم ورجاؤهم بالله -جل وعلا- ووسائلهم إليه -سبحانه- في تحقيق ما به صلاحهم في الآخرة.
بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد كما ذكرت لك هذه ليس فيها إجبار، والعبد عندنا -أهل السنة- العبد مُخَيَّر، وفي اختياره لا يخرج عن قدر الله -جل وعلا- السابق، وليس بمجبر على ما يفعل، وليس -أيضا- خالقا لفعل نفسه؛ بل الله -جل وعلا- هو الذي يخلق فعل العبد.
هنا قال: فوالله الذي لا إله غيره هذه الكلمة مُدْرَجَة من كلمات ابن مسعود -رضي الله عنه- كتعليق على ما سبق من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: فوالله الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ؛
لأن الكتاب فيما ذكر الخاتمة، شقي أو سعيد، وهذا باعتبار الخاتمة، سار طول عمره في طاعة، ثم بعد ذك اختار الشقاء، فوافق ما كتبه الملك أنه شقي، وليس معنى ذلك أنه مجبر، ولكن وافق ذلك.
وكما قلت لك: قال جماعة من السلف: "الخواتيم ميراث السوابق". فلهذا يبعث هذا الحديث -وكلام ابن مسعود هذا- يبعث على الخوف الشديد من الخاتمة؛ لأن العبد لا يدري بما يُخْتَم له، والسوابق هي التي تكون وسائل للخواتيم، والعبد بين خوف عظيم في أمر خاتمته، وما بين رجاء عظيم، وإذا جاهد في الله حق الجهاد، واستقام على الطاعة، فإنه يُرْجَى له أن يُخْتَم له بخاتمة السعادة.
قال: إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع .
يعني: عن القرب، أن الأجل قريب، لكن يسبق عليه الكتاب، فيكون أمره في آخر أمره على الردة -والعياذ بالله-.
وعمله بعمل أهل الجنة، هذا فيما يظهر للناس، وفي قلبه الله أعلم به، ما ندري ماذا كان في قلوب الذين زاغوا فأزاغ الله قلوبهم، لكن نعلم -على اليقين- أن الله -جل وعلا- حَكَمٌ عَدْل، لا يظلم الناس شيئا، ولكن الناس أنفسهم يظلمون.
قال: وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها رواه البخاري ومسلم.
وهذا من فضل الله العظيم على بعض عباده أن يختم له بخاتمة السعادة، هذا الحديث -كما ذكرت لك، وكلام ابن مسعود في آخره- يبعث على الخوف الشديد من الخواتيم، ويبدأ المرء يفكر فيما سبق له، وإن المرء -أحيانا- لينظر إلى السوابق، فلا يدري ماذا كتب له فيبكي. وكما قلت لك: قال جماعة من السلف: "الخواتيم ميراث السوابق". فلهذا يبعث هذا الحديث -وكلام ابن مسعود هذا- يبعث على الخوف الشديد من الخاتمة؛ لأن العبد لا يدري بما يُخْتَم له، والسوابق هي التي تكون وسائل للخواتيم، والعبد بين خوف عظيم في أمر خاتمته، وما بين رجاء عظيم، وإذا جاهد في الله حق الجهاد، واستقام على الطاعة، فإنه يُرْجَى له أن يُخْتَم له بخاتمة السعادة.
قال: إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع .
يعني: عن القرب، أن الأجل قريب، لكن يسبق عليه الكتاب، فيكون أمره في آخر أمره على الردة -والعياذ بالله-.
وعمله بعمل أهل الجنة، هذا فيما يظهر للناس، وفي قلبه الله أعلم به، ما ندري ماذا كان في قلوب الذين زاغوا فأزاغ الله قلوبهم، لكن نعلم -على اليقين- أن الله -جل وعلا- حَكَمٌ عَدْل، لا يظلم الناس شيئا، ولكن الناس أنفسهم يظلمون.
قال: وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها رواه البخاري ومسلم.
وهذا من فضل الله العظيم على بعض عباده أن يختم له بخاتمة السعادة، هذا الحديث -كما ذكرت لك، وكلام ابن مسعود في آخره- يبعث على الخوف الشديد من الخواتيم، ويبدأ المرء يفكر فيما سبق له، وإن المرء -أحيانا- لينظر إلى السوابق، فلا يدري ماذا كتب له فيبكي.
كما قال بعض السلف من الأئمة، قال: "ما أبكَى العيون ما أبكاها الكتاب السابق".
فالمرء ينظر ويتأمل، ويود أنه لو اطلع على ما كتبه الملك، هل الملك كتبه شقيا أم كتبه سعيدا؟ فإن كان كتبه سعيدا فهي سعادة له وطمأنينة، وإن كان كتبه شقيا فيعمل بعمل أهل الجنة حتى يُكْتَب من الأتقياء، ولكن الله -جل وعلا- بحكمته غَيَّبَ هذا عن العباد ليبقى الجد في العمل، ولتبقى حكمة التكليف، وأن يكون الناس متفاضلين في البر والتقوى، فليسا سواء حازم ومضيع، ليسا سواء من هو مجاهد يجاهد نفسه ويجاهد عدوه إبليس، ومن هو مضيع ويتبع نفسه هواها.
قال: "ما أبكَى العيون ما أبكَاها الكتاب السابق".
وقال بعضهم: قلوب الأبرار معلقة بالخواتيم، يقولون: بماذا يُختم لنا، وقلوب السابقين -أو قال المقربين- معلقة بالسوابق يقولون: ماذا سبق لنا".
وهذا مثال للخوف الشديد الذي يكون في قلوب أهل الإيمان، وإذا كان هذا الخوف فإنه لا يعني أن يكون مترددا ليس على طاعة، ولكنه يبعثه هذا الخوف على الأخذ بالحزم، وأن يعد العدة للقاء الله -جل وعلا-، فالإيمان بالقدر له ثمراته العظيمة في العمل واليقين، وصلاح قلوب العباد.
فالأتقياء هم الذين آمنوا بالقدر، والمضيعون هم الذين اعترضوا على القدر، ولكلٍّ درجات عند الله -جل وعلا- من الفضل والنعمة، يعني: من المقربين والسابقين، وأصحاب اليمين إلى آخره، ولأهل الشقاء دركات في النار، نعوذ بالله من الخذلان.
نكتفي بهذا القدر، وأول الأحاديث، -يعني- إلى ثماني أو عشرة أحاديث، هذه جوامع تحتاج إلى طول، ثم بعد ذلك نمشي -إن شاء الله- لأن ما بعدها يكون قد سبق فيما قبل أو يكون الكلام عليه قليلا.
بارك الله فيكم، ونفعني -وإياكم-، وثبتنا -وإياكم- على الحق والعلم والهدى، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
| |
|