إن
تعاطف الدول الأخرى في الاتحاد الأوربي مع نشر هذه الصور وبثها مرة أخرى،
ومعارضتهم لمسألة المقاطعة، وقولهم إن النشر حرية شخصية مما ينبغي ألا يغيب عنا، وعلى
علماء المسلمين الكبار والدعاة أيضا أن يشرحوه للناس ليعرفوا حقيقة ما يحيط بهم، و
ليستغلوا الفرصة لتعريف العالم بأسره بمحمد صلى الله عليه وسلم بذكر سيرته ومعجزاته
وعرض الأدلة العقلية والنقلية على نبوته.
إنني
كثيرًا قلت: إن من أهم مميزات شخصية حبيبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم أنه شخصية
تحَبّ؛ فأي إنسان يعرفه يحبه، فلذلك لو بثثنا قصة حياته بأي صورة من الصور (كتيب،
شريط، أسطوانة، رسالة، مواقع "إنترنت".. الخ)، فإن الناس سيحبونه. وأنا
متيقن وعلى ثقة من ذلك، فهو حبيب الله، وله القبول في الأرض. ولعلك تعذر هؤلاء وإن
كنت لا أعذرهم لأنهم ما شتموا رسول الله، وإنما شتموا صور المسلمين، فهم لا
يعرفونه وإنما يعرفونكم أنتم، ويعتقدون بأنكم متخلفون متأخرون عن الحضارة، متوحشون،
وهذا هو الجانب الذي ركزت عليه رسوماتهم المسمومة.
أيها الإخوة ،،،
إن قضية
نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم صارت واجبًا شرعيًا متحتمًا. فلابد من وعي
الجاليات المسلمة في كل مكان على ظهر الأرض بضرورة الحديث عن رسول الله، إذ القضية
ليست مقتصرة فقط على اعتذارات أو مظاهرات أو لافتات إنكار.
أيها الإخوة ،،،
إننا
حين تكلمنا عن قصة الحب؛ قصة حبنا لله ولرسوله ولدينه، فإننا ذكرنا أن هذا الحب
ينبغي أن يكون إيجابيًا، وهو فرض عين على كل مسلم، وقد قال رسول الله صلى الله
عليه وآله وصحبه وسلم : "لا يؤمن أحدكم حتى يكون
أحب إليه من نفسه وماله وولده ووالده والناس أجمعين"رواه البخاري. ولهذا
الحب مقتضيات؛ ومن مقتضياته نصرتُه، ومن نصرته التعريفُ به، وإذا قلنا إننا نريد
أن نعرّف به الكفار، فمن باب أولى أن نعرّف به المسلمين. إنني أريدك أن تأتي بولدك
وتسأله عن رسول الله: من أمه؟ ومن أبوه؟
وقد كثر في زماننا من يزعمون أنهم رأوا رسول الله في
المنام، وعندما تسأل أحدهم: كيف رأيته؟، تكتشف أنه
لم ير شيئًا. وأحيانًا قد توافق الأخ لتثبيته، وقد توافقه على وهمه لئلا ينفر ويفر،
ولكن الحقيقة أنني لم أرَ أحدًا حدثني أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورآه
فعلا، لأن شرط رؤيته أن تراه على الصورة التي خلق عليها - فداه أبي وأمي ونفسي
رسول الله- وأكثر المسلمين لا يعرفونه، لذلك فأنت تحتاج أن تعرف رسم عينيه وجبهته،
أن تعرف شفتيه وأسنانه ولحيته، حتى العنفقة أي هذه
الشعرات
التي تنبت أسفل الشفة السفلى ينبغي أن تعقل وصفها. وكل هذا وصل إلينا بالأحاديث
الصحيحة، وينبغي الحديث عنه وتبليغه.
أيها الإخوة ،،،
ينبغي التفكير
في سبل فاعلة لإيصال سيرة النبي محمد و دين الإسلام للكفار في كل الأنحاء، و على
كل ذي تخصّص أن أن يذكر لهم الحقائق بطريقة
تصل إلى أذهانهم. فمثلا يجمل شرح هذه العنعنة التي يعيبها العلمانيون على المسلمين.
إذ إن الإسناد هو الدين، وستجد روايات وصفت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأدق
الصور، وإن شئت فراجع ذلك في كتاب "السيرة الذهبية؛ صحيح السيرة النبوية"
لمحمد رزق طرهوني، فقد جمع أسانيد صحيحة مائة بالمائة، وهناك ستجد تحديدًا عجيبًا للصفة
الخِلقية لرسول الله؛ ومن ذلك أنه كان أبيض البشرة مشربًا بحمرة، ليس بالأمهق، شعره
ليس بجعد قطط ولا مرسل. إلى غير ذلك من الصفات المذكورة بدقة من الصحابة والمنقولة
إلينا بالتحديد. وإنك إذا نظرت إلى الصورة التي نشروها وتوهموا فيها صورة النبي
محمد فكأنك تنظر إلى شيطان عياذًا بالله، وهو الذي كان كأن الشمس تجري في وجهه.
أيها الإخوة ،،،
إننا
بحاجة في بيوتنا؛ مع الأزواج والأبناء والأحفاد والجيران والأصدقاء.. أن نجلس في
هذه الأيام لنتكلم عن رسول الله، لعلنا لو بثثنا صفته وعقلتها النفوس أن تنضبط
مناماتنا. فكل من يزعم أنه رأى نورًا.. رأى وجهًا أبيض ولحية بيضاء.. رآه حليقًا..
فهو واهمٌ لعدم مطابقة ما رآه لصفة الرسول صلى الله عليه وسلم القائل: "من رآني في المنام فقد رآني حقًا، فإن الشيطان لا يتمثل
بي" رواه البخاري.
وليس
المطلوب فقط أن ننشر صورة النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما أن ننشر أيضًا أخلاقه.
ولولا أن مقام الخطبة ضيق، لاستفضت في ذكر شيء من أخلاقه، والقصص مشهورة، ولكني
أدعو إلى إعادة صياغة سيرة رسول الله مرة أخرى لتُذكر الآثار العملية والفوائد
الواقعية.
إنني
حين شرحت سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم في مائة درس تحديدًا، قلت في البداية إنني
لا أروي لكم قصة أبي زيد الهلالي سلامة أو قصة عنترة بن شداد أو أسطورة من
الأساطير أو قصة اخترعتها العقول. إنني حين أتحدث عن محمد صلى الله عليه وسلم، أتحدث
عن حقيقة أريد أن أجعلها بيننا في القرن الواحد والعشرين، وأريد رسول الله صلى
الله عليه وسلم أن يعيش بيننا بتلكم الأحداث ابتداء من البعثة أو قبلها بقليل إلى
وفاته صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وذلك بالأسانيد الصحيحة الموثقة.
فالشاهد: أن كل ما مَر برسول الله صلى الله عليه
وسلم يمر بنا في هذه الأيام، قال الله
مخاطبا نبيه: {مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ
لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ} فصلت_آية:43، فلذلك
أريده صلى الله عليه وسلم أن يعيش معك في بيتك وفي أخلاقك: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} الأحزاب_آية:21.
خذ
موقفًا وهو يتحدث قبل البعثة مع زوجه خديجة رضي الله عنها، حين كان زيد بن حارثة
عبدًا لها، فقال لها: "هبيه لي، فإني أحبه"،
فقالت: "يا محمد؛ أخشى أن تبيعه". قال: "يا
موفقة إنما أريده لأعتقه وأتبناه".. فهل
تناقش الأمور بهذا الشكل؟
-
تقول
لزوجتك: "أرني هذا الذهب".
-
تقول لك:
"أنا أخاف أن تبيعه".
-
كيف ستكون إجابتك؟ هل ستتشاجر معها؟
موضوع: لماذا يشتمون رسول الله؟2 
الأربعاء 18 فبراير 2009 - 20:24
