إن الحمدَ لله أحمدُه تعالى
وأستعينه وأستغفره، وأعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهده
الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله.
اللهم صلِّ على محمد وعلى آلِ
محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آلِ إبراهيم إنك حميدٌ مجيد. اللهم بارك على
محمدٍ وعلى آلِ محمد
،
فإن أصدق
الحديث كلام الله تعالى، وإن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وإن شر
الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. ثم أما
بعد،
فإخوتي في الله ،،،
والذي
فلق الحبة وبرأ النسمة.. إني أحبكم في الله. (وأسأل
الله جل جلاله أن يجمعنا بهذا الحب في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، اللهم اجعل
عملنا كله صالحًا، واجعله لوجهك خالصًا، ولا تجعل فيه لأحد غيرك شيئًا)
أحبتي في الله ،،،
في حياة
كل إنسان قصة حب أو أكثر.. قصة حب تبدأ عنيفة ساخنة، ثم تطول أو تقصر، لكن لابد أن
تفتر، وقد تنقضي، بل من الناس من يقضي حياته في نزوات وشهوات وملذات، ولا يعرف
الحب إلى قلبه طريقًا. ولكن هناك قصة حب حقيقية يعيشها إنسان فيحيا، وتكون حياته
بهذه القصة ذات قيمة.. ذات ملامح.. ذات حياة.
إنها
قصة حقيقية مجسمة، ليست وهمًا يتخيله المرء، ويعيشه في لحظات أحلام اليقظة، ثم
يفيق ويده على الحصير. قصة الحب الحقيقية في حياة كل
مسلم هي حب الدين. (اللهم ارزقنا حب الدين،
اللهم أحينا حياة الدين على شريعة الإسلام، وتوفنا عليه، واحشرنا في زمرة أهله)
، كما باركت على إبراهيم وعلى آلِ إبراهيم إنك حميدٌ مجيد.
{يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا
وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} آل عمران-
آية:102.
{يَا أَيُّهَا
النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ
مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ
اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ
رَقِيبًا} النساء- آية:1.
{يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ
أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} الأحزاب - آية:
(70،71).
إن
هؤلاء الذين يزعمون حب الزنى والعشق والغرام يعيشون وهمًا يكتشفون كنهه في النهاية.
أما حب الدين فهو الحقيقة؛ لأنه الأصل، إنك أحببت الدين منذ كنت نسمة في ظهر أبيك
آدم، قال الملك جل جلاله سبحانه: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ
مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ
أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا} الأعراف_آية:172،
فكل من أتى من ظهر أبينا آدم أقرّ بحبه
لله وقال: {بَلَى شَهِدْنَا}، ثم قد يخفو هذا
الحب، ولكنه أبدًا لا يضيع.
والمقصود
بحب الدين ثلاثة:
· حب الله.
· حب رسوله صلى الله عليه وسلم محمد وكل الرسل والكتب.
· حب شريعة الإسلام.
هذا
الحب لا يمكن أن يموت، فهو مستمد من الفطرة، مغروس في قرارة القلب، وكلما ازداد
الإنسان معرفة، كلما ازداد حبه لله وحبه لهذا الدين وحبه لهذا النبي.. فداه أبي
وأمي ونفسي صلى الله عليه وسلم.
فبالمعرفة
يزيد الحب، و برؤية النعم يتضاعف، وبإدراك صبر الله على العبد وفتحه باب التوبة كل
لحظة من ليل أو نهار دون عناء أو رجوع إلى أحد يتعاظم، وبمعاينة تخبط الآخرين
وتلونهم -بين مَن يعبد قطعة من خشب، ومن يعبد صنمًا، ومن يعبد شهوة- يتقوى أكثر
فأكثر: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ
مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ
الْمُشْرِكِينَ (161) قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي
لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ
أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ(163)} الأنعام.
ويتعمق
هذا الحب ويتجذر كلما مشى الإنسان في طريق الحياة ملتزمًا بهذا الدين عاملاً به وله،
يعيش به وله. ولكن قد يغيب الدين عن حياة بعض الناس غفلة، ونسيانًا، وإيثارًا
للشهوات، وطلبًا للملذات والنزوات، فيظل محبوسًا أو مغمورًا أو مدفونًا بهمومٍ
أرضيةٍ تشغل المسلم عن دينه، ولكن إذا استفز الدين، ظهر هذا المارد مرة أخرى. وإن
الذي نراه اليوم من فزعة المسلمين بعد التهجم على النبي محمد صلى الله عليه وسلم،
ما هو إلا دليل خير في الأمة التي خلقت لترقى ولتبقى عزيزة إلى قيام الساعة، ولن
تموت أبدًا.
نعم.. إخوتي في الله
،،،
موضوع: حقيقة الانتصار للنبي المختار 
الأربعاء 18 فبراير 2009 - 20:18
